تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأنعام

صفحة 192 - الجزء 1

  وأثبتها في الشيء وهو لا يريدها، ومن ذلك ما قال شاعر العرب:

  نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجلنا القِرى أن تشتمونا

  فقال: أن تشتمونا، وإنما أراد: لأن لا تشتمونا، ولا نُذم، فجاز ذلك من قوله في العربية والبيان، فعلى هذا يخرج معنى قول إبراهيم ~ {هَذَا رَبِّي}⁣[الأنعام: ٧٦].

  ٥٨ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ١٠٧}⁣[الأنعام: ١٠٧] فقلت: أوليس قد كان ÷ وكيلا عليهم، ومأمورا بهم ومجاهدا لمن عَنَدَ منهم؟

  فقال: معنى {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ١٠٧} أي: ما أنت على إخلاص ضمائرهم بوكيل، إذ أنت غير عالم بذلك ولا محيط به، وإنما أنت وكيل على ظاهرهم، معامل لهم عليه، فأما الضمير فالله الحافظ له عليهم، والعالم به منهم، وإنما كلفناك ما تقدر على القيام به، ولم نكلفك ما لا تستطيع، مما لا تقدر عليه من علم ضمائرهم، لو فعلنا ذلك بك لكلفناك إذاً شراً، ولافترضنا عليك عسرا، ألا تسمع كيف بيَّن في أول الآية وفي وسطها، ما قلنا من أنه سبحانه الحافظ لسرائرهم، المعامل لهم عليها دون نبيه، وذلك قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}⁣[الزمر: ٣] في السرائر، واعطوك يا محمد غير ذلك في الظاهر، الله يحفظ ذلك