ومن سورة التوبة
  فاعلم - هداك الله وأعانك - أن ذلك كان فعلا من الرسول ÷، فَعَلَه بهم لما أراد من توبة الله عليهم، وشاء من صفحه عنهم، فأحب ÷ إذ صدقوه ولم يكذبوه، أن يفعل ذلك بهم استدعاء لرحمة الله لهم، وحسن جزائه على صدقهم، وإن ذلك لا يجوز لأحد من العباد، أن يفعله لمن تخلف عن الجهاد، ولكن له أن يفعل بهم غير ذلك من الآخزاء والفضيحة والإبعاد، وطرح شهادتهم، وإزالة عدالتهم، عند حكام المؤمنين.
  ٨٥ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}[التوبة: ٣٧]؟
  فالنسيء هي: الأشهر التي كان أهل الجاهلية يُنسونها، ومعنى يُنسونها فهو: يبدلونها ويتركونها، كانوا يجعلونها هي، ويعصون في الأشهر التي أبدلوا عن التظالم، ومعنى {النَّسِيءُ}، يُنسون هذا ليتركوه مرة، ثم يأخذونه وينسون غيره، مرة يحرمون التظالم في شهر، ومرة يحلونه فيه ولا يحرمونه في غيره، فأخبر الله تبارك وتعالى أن هذا من فعلهم، زيادة في ما هم عليه من كفرهم، وتمردا على خالقهم، فضلَّ به الكافرون من فعلهم، يحلونه عاما ويحرمونه عاما، ويطلقونه وقتا ويحرمونه وقتا، فأخبر الله بفضائحهم في ذلك، وأعلم أنهم في الكفر كذلك.
  ٨٦ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٠٢}[التوبة: ١٠٢]؟