جواهر من كنوز الوصي،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[من كلام أمير المؤمنين (ع) في وصف المتقين]

صفحة 109 - الجزء 1

  مثل ذكر الدنيا وأطماعها لأنها صغرت في أنفسهم فذكرها يشغل قلوبهم كالذباب الكثيرة التي تحظر وجبات الأكلة فيتضايقون من وجودها.

  ومن صفتهم قوله #: (قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة) الحزن قد خيم على قلوبهم يذكرون التفريط في كسب الغنائم من الطاعات في ماضي أيامهم ويذكرون قصر العمر وتباطؤ جوارحهم عن المسابقة في مرضاته فشغلهم ذلك عما الناس فيه من المشاكل والخصام وخدمة الدنيا وجمع الحطام فلا أحد من مجتمعاتهم إلا ويذكرهم بخير وإن حسدهم الحاسدون وأكل لحومهم الخاسرون.

  ومن صفتهم قوله #: (حاجاتهم خفيفة، وأنفسهم طاعة عفيفة) لا يتكلفون في تحصيل حاجاتهم، فما تيسر مع مولاهم وعافية أبدانهم كفاهم، وأنفسهم عفيفة هم أهل عفة ونزاهة أخذوها من قول مولاهم أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين: (استغن عمن شئت تكن نظيره).

  ومن صفتهم قوله #: (أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم فقدوا أنفسهم منها) نعم، لا يتوجهون إليها ولو أقبلت عليهم ووصلت إلى أيديهم؛ لأنهم يعلمون بعاقبة أمرها وقلة بقائها ورأوا عواقبها الوخيمة بأعينهم على من أخلد إليها وتوجه بكله إليها.