[نصائح للدعاة إلى الله]
  المعرفة حتى تثق بنفسك أنك تخافه، واسعى في فكاك رقبة قد غلغلت بالمعاصي، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ١٩}[الحشر].
  نعم، صاحب التقوى تستوحش نفسه بما يسعد به أهل الدنيا لأنه وقف بقلبه على دفاتر الحساب في يوم القيامة، وقد علم وأيقن وتيقن أن الله عدل حكيم يوفي كل عامل عمله، {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ٤٧}[الأنبياء]، لا يغار إلا من أهل التقوى والدين، ولا يرتاح باله وينشرح صدره إلا بمجالسة الصالحين، له أصحاب في الدنيا يحبونه ويحترمونه وكثير ما يذكر فراقهم وفراق أهله وأولاده ويذكر وحدة ووحشة القبر ويوم القيامة فيزداد بصيرة في دينه وقوة في عزمه على أداء ما أوجب الله عليه، وترك ما ينهاه عنه، وكل ذلك حصل لأنه عرف الله حق معرفته، وصدقه في وعده ووعيده، يحب الخير للناس، ويكره لهم الشر، فلا عدو له في هذه الدنيا إلا العصاة والمعاصي، فمن كان بهذه الصفات فيحق له أن يكون من دعاة الله الداعين إليه وهداته الخالصين لديه، يسدد الله خُطاه، ويصوب كلامه في قلوب السامعين، وقد وصفهم أمير المؤمنين # بقوله: (براهم الخوف بري القداح)، وبقوله: (قلوبهم فرحة وإن ضحكوا)، وبقوله: (يهتفون