[في ذكر عمرو بن العاص]
  فدنيا ولا آخرة معها، قال: صدقت وقال:
  يا قاتل الله ورداناً وفطنته ... لقد أبان ما في النفس وردان
  ثم عزم بعدها أن يذهب إلى معاوية، فلما وصل عند معاوية ومعه ولداه عبد الله ومحمد فاختلي به معاوية واستعانه على قتال أمير المؤمنين فهدده عمرو وقال: إنه يأتيك بمائة ألف سيف من العراق فما تعطيني إن نصرتك وأنا من أنا؟ هذا معنى قوله فأراد معاوية أن يغالطه بقوله: إن الناس يلومونك إذا قاتلت من أجل الدنيا، فرد عليه: العب على غيري! فقال معاوية: إذا مصر طعمة، وكانت هوايته في مصر ومعاوية يعلم بذلك، وقد كان سبق له ولاية عليها فخرج إلى ولديه فأخبرهما فقال ولده عبد الله: يا والدي اترك هذا الشأن إذا انتصر عليّ فإنه لا يظلمك وإذا انتصر معاوية فإنه لا يستغني عنك، وقال ولده محمد: إذا تم هذا الأمر وليس لك فيه يد فإنك تعيش محروماً مهاناً غير أن مصر لا تكفي، وما مصر في كامل الملك؟ فقال: لا أشبع الله بطونكما إن لم تشبعا بمصر! وهذا معنى أقوالهم لا لفظه.
  وعندها عزم على بيع الآخرة بالدنيا وشارك معاوية في
= من الآخرة، فأنت متحير بينهما، فقال له عمرو: قاتلك الله يا وردان! والله ما أخطأت.