[قوله #: الزهادة قصر الأمل ... إلخ]
  السعير.
  نعم، الزاهد في هذه الدنيا هو من تخلق بثلاث خصال عند أمير المؤمنين #، الأولى ما تقدم ذكره وهو قوله #: (الزهادة قصر الأمل) وبعدها (الشكر عند النعم)، وهذه الجملة انطوت على ما لا يتأتى حصره، ولا يتحقق لمكلف وإن بلغت همته ما بلغت، زبره كيف واللطيف الخبير يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[إبراهيم: ٣٤]، غير أن أرحم الراحمين رضي منا بالحمد والثناء على مولي النعم جل شأنه وعظم سلطانه.
  نعم، من الشكر الاعتراف لموليها بالإحسان وجزيل الامتنان، ومن الشكر الإتيان بالواجبات واجتناب المقبحات، ومن الشكر استقباح المكر السيئ والنوايا الخبيثة، ومن الشكر بذل الحق للصديق والعدو والقريب والبعيد، ومن الشكر العلم والاعتقاد أن النعم متجددة في كل يوم وليلة، ومن الشكر العلم أن كل إنسان لا يخلو من نعم الله طرفة عين في عافية أو بلاء، وفي سراء أو ضراء، وفي شدة أو رخاء، وفي يقظة أو منام.
  ومن الشكر العلم بمكانة الشكر، وقد خصه وأفرده نبي الله سليمان # بالذكر، وذلك حين أنطق الله له في وادي النمل تلك النملة، فتبسم ضاحكاً من قولها وقال: {رَبِّ