جواهر من كنوز الوصي،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[من كلام له # خاطب به أبا ذر يوم أخرجه عثمان من المدينة]

صفحة 69 - الجزء 1

  يده، وحاجته إلى التفرد والتوحد كحاجته إلى طعامه وشرابه، كي تصفوا له مناجاة الله وبث همومه وشكواه إلى مولاه؛ لأنه يأنس بمناجاة الله في ظلم الليالي، وفي الخلوات كما يأنس الطفل الرضيع بثدي أمه.

  نعم، اختار أمير المؤمنين # ما خاطب به أبا ذر ¥ لعلمه أنه يتلقاها بالقبول، ويعظ عليها بالنواجذ، فهو أهل أن يخاطب ويخص بهذا الكلام من سيد الوصيين، وإمام المتقين وعيبة علم رسول رب العالمين، وكأن أمير المؤمنين # يطفئ بهذه الكلمات جمراً موقدة.

  ويخاطب أبا ذر ¥ قائلاً: (لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل) خبر على التحقيق أن أهل التقى يأنسون بالحق لا بغيره من ملاذ الدنيا، فهم يعلمون أنهم على ملاذها يحاسبون، أما ثباتهم على الحق فإنهم عليه يثابون وبجزاء خالقهم عليه غداً يسعدون، ولسان حال الوصي # يقول: فلا يجلبون بتغريبك إلا الوحشة؛ لأنهم ارتكبوا في حقك ذنباً عظيماً وجرماً جسيماً، وقد أهدوا إليك بفعلهم هذا أنساً من حيث لا يشعرون، وغداً يسفر الظلام ويخسر هنالك المبطلون.

  ثم أخبره بما يرضيهم عنه قائلاً: (فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك) صدق سلام الله عليه