جواهر من كنوز الوصي،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[قوله #: أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلا إدبارا]

صفحة 75 - الجزء 1

  ولو عرض عليه قول ذلك العالم الذي يحكي للناس أنه يحبه ويألفه، فإنه يتمرد على غريمه، ويرفض ذلك الطلب، يلوم الناس على الحقير، ولا ينصف من نفسه في كبير.

  وآخر قرأ كذلك وإذا وقع بينه وبين آخر خلاف ملأ به الأسماع، وذمه بكل نقيصة، يريد بذلك ضعته وتصغيره في عيون الآخرين، وكل ذلك تمرداً على الذي أمره ونهاه، وركب له عقلاً وبنعمه غذاه، ويكتفي من الدين أنه يعظ الناس، وأنه قد قرأ في كتب العلم، {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} الآية [البقرة: ٢٠٦].

  قوله #: (أين خياركم وصلحاؤكم وأحراركم وسمحاؤكم؟ وأين المتورعون في مكاسبهم والمتنزهون في مذاهبهم؟ أليس قد ظعنوا جميعاً عن هذه الدنيا الدنية، والعاجلة المنغصة؟) كثيراً ما يحن شوقاً إلى إخوانه سلام الله عليه ويذكر لمن بحضرته ما كانوا عليه من هذه الخصال الحميدة والأفعال الرشيدة، وأحياناً يقول واشوقاه لإخواني، يريد سلام الله عليه بإخوانه عمار وأمثاله وأبا ذر وأشكاله الذين أمر الله رسوله بحبهم وأخبره بمغيب ضمائرهم وأنهم يموتون على الهدى وأن قلوبهم من بداية إسلامهم إلى وقت وفاتهم طافحة بالتقوى، وأنهم كانوا يتورعون في مكاسبهم ولقمة عيشهم، وأنهم جبال راسية في مذاهبهم لا تزعزعهم