[كلام بليغ له # في الحث على الصدقة]
  ما لا يقدر قدره؛ لأنه # قال: (من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غداً حيث تحتاج إليه فاغتنمه).
  وأي عاقل لا يرضى ولا يقبل بمثل هذا الكلام الإنسان من أصحاب الجميل يرى الفضل والتقدير لمن يحمل له أغراضاً إلى منزله أو إلى محل عمله، فما بالك بمن يحمل زادك إلى ذلك المقام وهو يوم الزحام، وأي إحسان مثل ذلك الإحسان.
  فقد صور سلام الله عليه قبول الفقير لصدقة المتصدق وإحسان المحسن إليه بإحسان لا يساويه إحسان وأنه يستحق التقدير من المعطي وغاية الامتنان، وفي ذلك من الحث على الصدقات ما لا يقدر قدره، وفيه قمع النفس الأمارة بالسوء ودحر الشيطان الرجيم كي يسلم المعطي من عواقب الامتنان المحبطة للصدقات.
  قوله #: (وحمله إياه) شبه الموقف # بمن أثقله حمله وهو في طريق طويلة أو عقبة شاقة وهو على حمله حريص وإذا بمار مر به وهو خفيف الظهر، فقال له: هل لك أن أحمل متاعك وأنا عليه أمين إلى حيث تريد؛ فلما سمع هذا الكلام فرح فرحاً شديداً وبادر بإعطائه متاعه وما أثقل ظهره وقد صحب ذلك فرح ملأ قلبه، وسرور عم جميع مشاعره، ولا سيما إذا تيقن أن ذلك الحامل صدوق في قوله ووفي بأداء