القول المشهور في ترجمة الإمام المنصور،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الدعوة الأولى: دعوة الاحتساب (الإمامة الصغرى)

صفحة 30 - الجزء 1

  وكان الإمام # إذ ذاك قد تقدم من الجوف إلى شوابة⁣(⁣١)، فنهض في جماعة من أصحابه وهم صنوه الأمير يحيى بن حمزة، وابن عمه صفي الدين محمد بن إبراهيم فارسان وأربعة عشر رجلاً.

  فبلغ خبر خروجه إلى صنعاء فبثوا عليه العيون والأرصاد، فقال له أصحابه وشيوخ البكيليين: (بق علينا وعلى نفسك فلا طاقة لنا بالقوم)، فساعدهم بالكره وعاد إلى شوابة، وكتم أمره.

  وجعل له # كلَّ يوم عادة بأن يخرج إلى ظاهر البلد بأصحابه ومعهم السلاح، فركب على العادة قبل عيد رمضان بيوم وقد أعد ما يحتاجون إليه من الزاد، وكان ركوبه وقت الظهر، فأمر أصحابه بالمسير، فارتاعوا وسألوه: أين تريد؟ فقال: «أريد ميتك إن شاء الله».

  فساروا لا طريق لهم إلا وسط همدان على رغم ما عليه من المراقبة من الأرصاد والعيون، فوصلوا إلى قريب ريدة فصلوا المغرب والعشاء، ثم ساقوا سوقاً عظيماً، وأمر أصحابه بالتفرق عنه لكي لا يُنكرَ حاله، فمر بالجنّات، ثم أتى قاعة والليل مُرخ سدوله، ووصل قرية الأشمور⁣(⁣٢) وقت الفجر فصادف طائفة من جند الظلمة يريدون كوكبان في مكان ضيق بين جبلين، فظنهم مرصدين له فأمر أصحابه بالحزم ووطنهم على القتال، فلم تتعرض لهم تلك الطائفة، فوصلوا إلى هِجرة


(١) شوابة: بلد معروف من أعمال ذي بين في بلاد بكيل.

(٢) الأشمور: ناحية مشهورة، في شمال غرب صنعاء على مسافة يومين متصلة بجبال المصانع.