سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 258 - الجزء 1

[٢٢] - الرزق

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله رب العالمين الرزاقِ ذي القوةِ المتين، خلقَ الأرضَ ودحاها، وقدر فيها أقواتَها، وآتاكم من كلِّ ما سألتموه وإن تعدوا نعمةَ اللهِ لا تُحصوها، فله الحمدُ حمداً لا يُحصى بِعدٍّ، ولا يقضى بِحَدٍّ.

  ونشهد ألّا إله إلا هو خالقُ الخلقِ، ورازقهم، والمدبرُ لهم القوتَ والمعاش.

  ونشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ رحمةً للعالمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأكرمين من يومنا هذا إلى يوم الدين.

  عبادَ الله: إن الله قد خلقَ الخلق لحكمةٍ، ولم يتركْهم هملا، ولن يضيعَهم سُدى، بل لقد خلقَهم اللهُ، وابتدعهم على أكملِ حالٍ وأتمِّ صورةٍ، خلقهم وهو العالمُ بمصالِحهم، والخبيرُ بما ينفعُهم فهو تعالى الخبير بأمورهم، والعالم بأحوالهم، ومن عظيم خلق الله أن سوّى كل مخلوق بما تقتضيه المصلحة، ولا يحق لعبد مهما كان أن يعترض على ربه أو أن يخالف إرادته فيما اختاره وارتضاه، فنحن جهلاء في جنب علم الله المطلق القائل سبحانه: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}.

  فالواجب علينا التسليمُ لأمرِه تعالى، والرضى والقبولُ بكلِّ ما أعطى ومنعَ، لأنه تعالى لم يمنعْ شيئا إلا وفيه الضرُّ، ولم يعطِ شيئا إلا وفيه النفعُ فهو العالمُ الخبيرُ القائلُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

  والعجب ممن يتطاولُ على اللهِ تعالى، ويعترضُ أحكامَه، والذي يصفُ اللهَ بالجورِ في قسمتِه تعالى، ويحتجُّ على اللهِ لماذا أعطى فلاناً ومنع فلاناً، لماذا أغنى فلانا، وأفقرَ فلانا؟ قال سبحانه وتعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}.