الخطبة الأولى
  أَهْلُهُ ووالِداهُ يَلحقُهم مَعَه وبِسببِه أَقبحُ اللعناتِ، وأبْشَعُ الشَّتْمِ والسِّبابِ، وتَراهُ يَسمعُ ذلِك وَيضحَكُ ولا يُحَرِّكُ سَاكِناً، والمصيبةُ أنَّه لا يَستطِيعُ أنْ يَمْنَعَهُم، ولا يَقْدِرُ على دَفعِ ذلك.
  أليْسَتْ مُصيبة أنْ يَعجزَ إِنْسَانٌ أَنْ يَحمِيَ عِرضَه، وَأنْ يَمنَع السَّفَلةَ والسُّفَهاءَ مِن التَّطاوُلِ عَلَى عِرْضِ وَالِدَيه.
  عِبادَ الله:
  لَقدْ ذَهبَتْ من قلوبِ كثيرٍ من الناسِ الغِيْرةُ والْحمِيّةُ، وَرُفِعتْ عَنهُم الْهَيْبةُ، وَهُم الّذِينَ أَذهَبُوها، وهم الذين هَتَكُوا أعْراضَهُم وانْتَهكُوا حُرُمَاتِهم،
  والعاصِي: هو مَن فَتحَ للِسُّفَهَاءِ البابَ لِيَنالُوا مِن عِرْضِهِ، وعِرْضِ أَهْلِهِ الأَحْياءِ مِنهُم وَالأمْواتِ، والَّذِي لا يَخْشَى اللهَ حَقيقٌ أَلَّا يَخْشَاه الناسُ، والّذِي لا يَحتَرِمُ نَفْسَه جَدِيرٌ بِأَنْ لا يَحتَرمَهُ الناسُ، ولا يُعِيْرُونَه أَيَّ اهتمامٍ، بَلْ إِنَّنَا نَرَى ونَسمعُ كُلَّ يَومٍ مِن الشَّتَائِمِ واللَّعَنَاتِ أَلْوَاناً وَأَلْوَاناً، وَلَم نَسمعْ أَحَداً مِن العُصَاةِ وَالسُّفَهَاءِ مَنَعَ أَحَداً مِن لَفْظَةٍ قَبيحةٍ، أَوْ مَنعه من مسبةٍ وجهها في حق والديه، بل تراه يقابله بالضحكِ والسرورِ مُظهراً الرضى والقبول.
  نعوذُ بالله من ضلالِ العقولِ وقبحِ الجهالاتِ ومن سوءِ القولِ والعملِ.
  واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم من كلِّ معصيةٍ وذنبِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
  
  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ٧ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا