فصل في بيان المنصب المعتبر في باب الإمامة
  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون الشرع قد دل على جوازها في غيرهم، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله «الأئمة من قريش»؟.
  قيل له: هذا الخبر لا يدل على جواز الإمامة في غيرهم، لأنه لا يتضمن أكثر من الإخبار بأن الأئمة من قريش، وهكذا نقول لأنا جعلنا الإمامة مقصورة على هذا البطن المخصوص لم يعدل بها عن قريش.
  فإن قال: الخبر قد أفاد أن منصب الإمامة هو بطن، قريش وإذا جعلتموها مقصورة على البطن الذي ذكرتموه خرج بطن قريش عن كونه منصباً؟.
  قيل له: ظاهر الخبر لا يفيد ما ذهبت إليه، لأن قول النبي صلى الله عليه وآله «الأئمة من قريش» ظاهره الإخبار بأن الأئمة يكونون منهم، وليس فيه ما يفيد معنى المنصب، وهذا يبطل ما توهمته.
  فإن قال: كونه خبراً لا يمنع من كونه دلالة على المنصب أيضاً، بأن يكون صلى الله عليه وآله أراد بالخبر معنى الإخبار بأن الأئمة يكونون من قريش، وأراد الأمر أيضاً بأن لا ينصب الأئمة إلا منهم، لأن اللفظ الواحد لا يمتنع أن يكون خبراً أمراً؟.
  قيل له: هذا يمتنع إذا دل الدليل عليه، إلا أن الظاهر هو ما ذكرناه فإضافة وجه آخر إليه من دون دلالة لا يسوغ، وأيضاً فإن ظاهر اللفظ لو كان يشتمل على ما يقوله السائل لصرفنا اللفظ عنه لقيام الدلالة عليه، وهو إجماع أهل البيت $ في أن الإمامة لا تصلح إلا في ولد أمير المؤمنين #، وقد ثبت أن إجماعهم حجة.
  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون الشرع قد دل على أن الإمامة تعلم في سائر أولاد أمير المؤمنين # سوى الحسن والحسين $، على ما ذهب إليه بعض الناس، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي»؟.
  قيل له: هذا لا يصح التعلق به، لأن لفظ العترة عندنا لا يتناول إلا ولد الحسن والحسين @ على الحقيقة، لأن عترة الرجل في اللغة هم ولده وولد ولده، ومتى قلنا إن غيرهم