الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[الجواب على شبه الإمامية]

صفحة 128 - الجزء 1

  كان الإمام مشاركاً لهم في جواز ذلك عليه وجب أن يشاركهم في الحاجة إلى إمام آخر لوجود تلك العلة فيه، وفي فساد هذه دلالةٌ على أنه يجب كونه معصوماً؟.

  والجواب عن ذلك: أن هذه الشبهة مبنية على العبارة دون المعنى، ومتى كشف عن الغرض بها بان فسادها وسقوطها.

  وذلك أن معنى قولنا إن الأمة محتاجة إلى الإمام: هو أن الله تعالى تعبدهم بطاعة واحد مخصوص، إذا كان على صفات مخصوصة، وتعبد ذلك الواحد بتنفيذ الأحكام فيهم، ولم يتعبده بالطاعة لمنفذ آخر، وإن كان يجوز عليه ما يجوز عليهم لتعلق المصلحة بذلك، إلا أن هناك حكم يصح أن يعلل فيقال: إن الإمام يجب أن يكون مشاركاً لهم فيه من حيث يشاركهم في علته، والمصالح لا يصح تعليلها وإنما يجب اتباع الأدلة فيها.

  يبين صحة ما ذكرناه: أن النص لو ورد بهذا التفصيل لم يكن ممتنعاً، وهو أن يقول النبي # للأمة إن الله تعالى تعبدكم في كل زمان بنصب واحد منكم أو بالطاعة له إذا دعاكم إذا كان على صفة مخصوصة ليتولى إقامة الحدود وما يجري مجراها فيما بينكم، ولم يتعبده بالطاعة لآخر وإن كان يجوز عليه ما يجوز عليكم، وإذا كان هذا هكذا بان أنما نريده بقولنا أن الأمة محتاجة إلى الإمام لإقامة هذه الأمور لا يلزم عليها ما توهموه، وأنهم بنوا هذه الشبهة على ادعائهم حكم يصح تعليله وقد بينا فساد ذلك.

  فإن قال: فيجب أن يجوزوا ورود التعبد بالحاجة إلى الإمام والطاعة له وإن كان المعلوم من حال المأمومين أنهم لا يرتكبوا شيئاً من الأمور التي تحتاج فيها إلى الإمام؟.

  والجواب عن ذلك: أنا نجوز هذا إن تعلقت المصلحة به، ولكن لا يمتنع أن تكون المصلحة إنما تتعلق بطاعة المأمومين للإمام متى جاز عليهم ارتكاب هذه الأمور، فلا نقطع على ما ذكره السائل وإن جوزناه.