الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[الجواب على شبه الإمامية]

صفحة 129 - الجزء 1

  فإن قيل: إذا قلتم في المأمومين بأن مصلحتهم متعلقة بالإنقياد للإمام عند جواز هذه الأمور عليهم، والإمام أيضاً واحد منهم، فمتى جاز عليه ما يجوز عليهم وجب أن تكون مصلحته متعلقة بالإنقياد لإمام أخر.

  الجواب عن ذلك: أن من يستبد بالإمامة لا يمتنع أن تكون مصلحته مخالفة لمصالح من لا يستبد بها، لأن المصالح لا يجب إشراك جماعة الناس فيها، ألا ترى أن الأنبياء À أجمعين يمتنع أن يختصوا في باب المصالح بعد النبوة بما لا يشاركهم سائر الناس فيه.

  ومنها: قولهم إن الإمام هو من اختاره الله تعالى ولا يجوز أن يختار تعالى من يعلم من حاله خلاف التوحيد وغير ذلك، كما لا يحسن منا أن يختار الواحد منا من يغلب على ظنه أنه معتقد لهذا المذهب الفاسد؟.

  الجواب عن ذلك: أن قولهم أن من اختاره الله لا يجوز أن يكون في الباطن بالصفة التي ذكروها، إن أرادوا أنه لو نص على عينه من جهة الوحي وعلى لسان الرسول لم يجز أن ينص على من هذه صفته، فهذا لا يضر تسليمه.

  وإن أرادوا أن من اختاره الله تعالى بمعنى أنه تعبد بطاعته عند اجتماع أوصاف مخصوصة فيه لا يجوز أن يكون بهذه الصفة، فهو فاسد منتقض بورود التعبد بطاعة الأمراء والحكام، ويوجب إلزام الحكم عند شهادة شهود مخصوصين، وإن جوزنا أن يكونوا في الباطن على هذه الصفات.

  فأما من يذهب إلى هذا القول من الزيدية فإنهم يسلكون في هذا الباب طريقين:

  أحدهما: أن الإمام مؤتمن في أمور الدين من قبل الله تعالى، والله تعالى لا يجوز أن يأمر غير أمين وإن كان كذلك علمنا أنه متى عدل عن الإمامة، فإن الله تعالى يكشف حاله للناس.

  وهذه الطريقة في نهاية البعد، لأن الإمام مؤتمن في هذه الأمور من جهة الظاهر، فسبيله في هذا الباب سبيل الأمراء والحكام، فكما لا يجب على الله تعالى كشف حالهم للناس، كذلك لا يجب كشف حال الأئمة.