فصل: في الدلالة على فساد قول من يذهب إلى أن الإمامة لا تثبت إلا بالنص الجلي أو ما يقوم مقامه
  والطريقة الثانية: أن الإمام متى لم يكن معصوماً لم يؤمن أن يكون معتقداً للإلحاد والكفر، فيكيد الإسلام كيداً لا يمكن تلافيه، وهذه أيضاً في البعد كالأولى، لأنه لا فصل بين من يجعل هذا علة في عصمة الإمام، وبين من يجعل ذلك علة في وجوب عصمة أمير الجيش، فيقول إن أمير الجيش الذي ينصبه الإمام، وينفذه لحفظ الثغور، ومجاهدة الكفار متى لم يكن معصوماً لم يؤمن أن يكيد الإسلام كيداً لا يمكن تلافيه، فإذا لم يوجب ذلك عصمة الأمير لم يوجب عصمة الإمام أيضاً.
  فإن قال: إن الأمير إذا قدم على ذلك أمكن الإمام تلافيه؟.
  فالجواب عنه: أن الأمير إنما يقدم عليه على وجه لا يقف الإمام عليه فيتلافاه، فإن أريد بالتلافي في أنه يعزله إذا ظهر ذلك منه، فهذا الضرب من التلافي ممكن في الإمام أيضاً، لأنه لو أقدم على مثل ذلك وظهرت هذه الحالة منه علم المسلمون بطلان إمامته التمسوا غيره، فإذا لا فصل بين الإمام والأمير في ذلك.
فصل: في الدلالة على فساد قول من يذهب إلى أن الإمامة لا تثبت إلا بالنص الجلي أو ما يقوم مقامه
  الذي يدل على فساد هذا القول: أن الأمر لو كان على ما ذهبوا إليه لوجب أن يكون لنا طريق إلى معرفة هذا النص حتى يصلح أن يكلف به، وطريق ذلك لا يخلو من وجهين:
  إما أن يكون الضروري أو الإكتساب، وفي علمنا بانتفاء هذين الطريقتين دليل على فساد قولهم إن طريق معرفة الأئمة هو النص الجلي على الوجه الذي يذهبون إليه.
  فإن قال قائل: لم قلتم أن هذين الطريقتين منتفيتان؟.
  قيل له: لأنه لو كان طريقه العلم الضروري وجب أن نشاركهم في هذا العلم كما شاركناهم في العلم بمخبر سائر الأخبار التي تواتر نقلها على وجه يقتضي العلوم الضرورية كالعلم بالبلدان والوقائع العظيمة، وكالعلم بأركان الشريعة وأصولها العامة الشائعة، وفي علمنا بفقد هذا العلم إذا رجعنا إلى أنفسنا دليل على فساد هذا القول.