الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في بيان ما يزيل إمامة الإمام من الأمور العارضة

صفحة 148 - الجزء 1

فصل: في بيان ما يزيل إمامة الإمام من الأمور العارضة

  اعلم أن الإمام متى كان منه أو عرض له ما لو كان عليه قبل ثبوت إمامته لم يصلح أن يكون إماماً، فإنه يقتضي بطلان إمامته كالمعصية التي يخرج بها من ولاية الله تعالى إلى عداوته من فسق أو كفر، وكالعمى وكزمانة مخصوصة في الأمراض التي تمنعه عن التصرف فيما يجب على الإمام التصرف فيه.

  والذي يدل على ذلك: أن العلة المانعة من ثبوت إمامته مع حصول هذه الأحوال فيه هي امتناع ما يحتاج فيه لأجله إلى الإمام معها، وبطلان الغرض المطلوب بالإمامة، وهذه قائمة عند طرو هذه الأحوال على إمامته، فوجب أن يقضي ببطلانها، ولذلك طالبت جماعة الصحابة عثمان بالتنحي عن الأمر لما أقدم على الحوادث التي أنكروها ومتى صار بحصول هذه الأحوال على الصفات التي تصلح معها الإمامة لم تثبت إمامته إلا بأمر متجدد، ومثل هذه لا يمتنع في الشرع، ألا ترى أن النكاح لا يثبت إلا بأمر متجدد وهو العقد، والفرقة قد تثبت من دون تجدد لنقض العقد الذي هو الطلاق بأن يرتد الزوج عن الإسلام.

  فإن قال: فلم طالب الصحابة عثمان بأن يعزل نفسه إذا كان لا يحتاج إلى ذلك؟.

  فالجواب: أنهم لم يطالبوه بعزل نفسه، وإنما طالبوه بالتنحي بالأمر لنزول الشبهة.

  وما كان من هذه الأمراض عارضاً قد جرت العادة بأنه لا يدوم كالعشى وما يجري مجراه، فإنه لا يؤثر في الإمامة، لأنه يجري مجرى النوم والسهو، وقد نص الهادي يحيى بن الحسين @ على أن الإمام إذا تاب من المعصية التي أقدم عليها ثبتت إمامته، ودل ظاهر كلامه على أنه مع التوبة لا يستأنف الدعوة.