الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[شبهة الإمامية: أن الإمام زيد دعى إلى الرضا من آل محمد]

صفحة 156 - الجزء 1

  محمد دائماً) أراد بذلك أني إذا دعوتكم إلى طاعتي وإجابتي فإنما أدعوكم إلى من هو رضا بر زكي من آل محمد صلى الله عليه دون من ليس على هذه الصفة منهم، وهذا واضح لا لبس فيه.

  وقد قيل في تأويل هذا القول وجه آخر: وهو أن مراده # به أن طريقتي التي أنا عليها وأدعوكم إليها هي وجوب الإستجابة لكل من كان رضا من آل محمد صلى الله عليه وآله، وإنما أدعوكم إلى نفسي لأني بهذه الصفة تلزمكم إجابتي و إجابة أمثالي، وهذا لا يدل على أنه لم يعن بذلك نفسه، ألا ترى أن بعض الأنبياء $ لو قال لأمته: أدعوكم إلى نبوة من يظهر عليه العلم ويصحبه المعجز كهو وأمثاله، فلم يكن في هذا القول دلالة على أنه ليس يدعو إلى نبوة نفسه، كذلك هاهنا.

  فأما الخبر الذي رووه عن جعفر #: فإنه من جملة أخبارهم التي لا يعرفها غيرهم، وأي عاقل تطيب نفسه بقبول ما ينفردون بروايته، مع اشتهار نقلتهم برواية التشبيه المحض، والقول بالجسم والصورة، وصريح الإجبار والتناسخ والغلو، مع أن أكثرهم مجاهيل لا يعرفون، حتى كان بعض علماء أهل البيت $ يقول: (إن كثيراً من أسانيدهم مبنية على أسامي لا مسميين لها من الرجال)، وقد عرفت من رواتهم المكثرين من كان يستحل وضع الأسانيد للأخبار المنقطعة إذا وقعت إليه، وحكي عن بعضهم أنه كان يجمع حكايات بزرجمهر وينسبها إلى الأئمة بأسانيد يضعها، فقيل له في ذلك، فقال: ألحق الحكمة بأهلها، وهذا الذي أوردناه من تخاليط القوم أرنا به التنبيه على أمرهم، ولو أردنا استيفاء ذلك لاحتجنا إلى إفراد كتاب فيه⁣(⁣١).


(١) ومما يدل على ما ذكره الإمام # تصريحات علمائهم بضعف رجالهم ورواياتهم، وإليك بعضاً ذلك:

قال الشريف المُرتضَى في رسائله (٣/ ٣١١)، في مسألة إبطال العمل بأخبار الآحاد: اعلم أن لا يجوز والحال هذه أن يتعبد أصحابنا - والحال هذه - أن يعملوا في أحكام الشريعة على أخبار الآحاد، ولا يتم على موجبات أصولهم أن تكون الأخبار التي يروونها في الشريعة معمولاً عليها، وإن جاز لخصومهم على مقتضى أصولهم ذلك، إلى قوله:

فإن معظم الفقه وجمهوره بل جميعه لا يخلو مستنده ممن يذهب مذهب الواقفة، إما أن يكون أصلاً في الخبر أو فرعاً، راوياً عن غيره، ومروياً عنه، وإلى غلاة وخطابية ومخمسة وأصحاب حلول، كفلان وفلان، ومن لا يحصى كثرة، وإلى قمي مشبه مجبر، وأن القميين كلهم من غير استثناء لأحد منهم إلا أبا جعفر بن بابويه القمي (رحمة الله عليه) بالأمس كانوا مشبهة مجبرة، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به.

=