الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل في أن إجماع أهل البيت $ حجة

صفحة 163 - الجزء 1

فصل في أن إجماع أهل البيت $ حجة

[حديث الثقلين ودلالته على حجية إجماع أهل البيت]

  الذي يدل على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وآله «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فأخبر صلى الله عليه وآله بأن المتمسك بعترته غير ضال، وهذا يوجب أن يكون ما أجمعوا عليه حقاً، إذ لو جاز أن يجمعوا على ما ليس بحق لم يجز أن يكون المتمسك بهم غير ضال، وهذا يوجب أن يكون ما أجمعوا عليه حقاً على كل وجه.

  فإن قال قائل: من أين علمتم صحة هذا الخبر؟.

  قيل له: الخبر إذا ظهر وانتشر بين جماعة أهل العلم على اختلاف مذاهبهم في موجب ذلك الخبر، وتكلموا في موجبه، وحمله كل فريق منهم على موافقة مذهبه، ولم ينكر أحد منهم نفس الخبر، فإن ذلك دلالة على إجماعهم على قبوله، وعلى أنه مما قامت به الحجة في الأصل، وهذا هو سبيل الخبر الذي ذكرناه، فوقع القطع على صحته.

  فإن قال: إذا صح أن إجماع العترة حجة، فما المراد بالعترة عندكم؟.

  قيل له: قولنا عترة رسول الله صلى الله عليه وآله إنما هو مطلق حقيقة على الحسن والحسين @ وأولادهما $، لأن الجماعة هم ولد رسول الله وولد ولده، لما قد ثبت عند أهل اللغة نصاً من أن أهله هم ولده وولد ولده، لا سيما وقد قيد رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك بذكر أهل البيت، فثبت أن حكم الخبر إنما تناول العترة الذين هم أولاده وأولاد أولاده الذين لا يمنعهم حرمة عن دخول بيته، وأن هذا الاسم متى قيد بالوصف الذي ذكر في الخبر لم يقع على سائر العشيرة.

  وحكي أيضاً أن العترة أصلها العتيرة، وهي ضرب من النبات، فسمي أولاد الرجل وأولاد أولاده عترة تشبيهاً به من حيث كان أولاد الرجل سواء منه، وإذا كان هذا هكذا بان أن حقيقة هذه اللفظة ما ذكرناه.