الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

دليل آخر: [آية التطهير ودلالتها على حجية إجماعهم]

صفحة 167 - الجزء 1

  فعل اللطف الذي عنده لا يختارون المعاصي، إذا لم يمكن حمله على الظاهر، وبعد فإن الظاهر يلائمه أيضاً لأن من فعل ما عنده يزول الفكر عن قلب غيره يوصف بأنه أذهب الفكر والشغل عن قلب فلان عرفاً، ويعلم عنده أنه أراد به فعل ما عنده ذهب فكره وشغله، فكذلك لا يمتنع أن يقول الله تعالى {ليذهب عنكم الرجس} وأراد به فعل اللطف الذي عنده لا يؤثرون المعصية.

  فإن قيل: اللام تقتضي الإستقبال في قوله ليذهب، وليس فيه أنه تعالى قد أذهب؟.

  قيل له: ما يريده الله تعالى من أفعال نفسه لا بد من وجوده، ولا يجوز أن تتقدم إرادتُه مرادَه، حتى لا يوجد مراده الذي هو من فعله، فهو كقوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨ ٥]، إنما يريد الحال وما سيأتي.

  وبعد فإنه إذا أخبر أنه يريد إذهاب الرجس منهم على الحد الذي قلناه، فلا بد من وقت من أوقات تكليفهم لذلك، وكل من قال إنه تعالى أذهب عنهم الرجس وفعل بهم ما لا يجتمعون معه على الخطأ والكبائر في وقت، قال إنهم لا يجمعون عليها في كل وقت.

  فإن قيل: أراد بذلك أوقات الآخرة؟.

  قيل له: تلك الأوقات لا تخصهم بل الرجس ذاهب عن كل أحد، إذ لا معصية تقع عن أحد في القيامة، لأن أهل النار يعلمون أنهم يمنعون عنها، وأهل الجنة قد أغناهم الله تعالى بالحسن عن القبيح.

  فإن قيل: المراد به نساء النبي صلى الله عليه وآله ومقدمة الآية دالة عليه؟.

  قيل له: الظاهر بخلافه، لأن قوله عنكم ويطهركم خطاب للمذكر، فلا يدخل المؤنث إلا بدليل، ولا يمتنع أن يكون المقدمة في قوم ثم يذكر بعدها قوم آخرون.

  فإن قيل: إنه لا سلف لكم في تفسير هذه الآية، فهو خلاف الإجماع، وكل تفسير خلاف الإجماع باطل، كما أن كل اجتهاد خالف المجتهدين الذين تقدموا باطل؟.

  قيل له: ليس كذلك فإن ابن جرير الطبري روى ذلك عن أبي الدليم، عن زين العابدين علي بن الحسين #، وروي عن عبدالله وجعفر أن هذه الآية فينا نزلت وصدقه فيها أبو بكر، وعن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت في علي والحسن والحسين وفاطمة $.