الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[الأدلة على صحته]

صفحة 17 - الجزء 1

  لو بقي بعده والأحوال كما كانت عليه لكان أولى الناس بمقامه وبسياسة أمر أمته، فيجب أن تكون هذه المنزلة حاصلة لأمير المؤمنين #، وهي أن يكون إليه أمر التصرف على أمة النبي ÷ فيما يتصرف فيه الإمام على المأموم، والراعي على الرعية، من تنفيذ الأحكام، وإقامة الحدود، وتجييش الجيوش، وما يتصل بذلك، على وجه الخلافة له ~ وعلى آله.

  وأن يكون أولى الناس بالقيام بأمر أمته، وأنه لا يجوز أن يتقَدَّمَ أحدٌ عليه، وهذه المنزلة هي التي يعبر عنها بالإمام.

  فإن قيل: بماذا علمتم أولاً صحة هذا الخبر، أتقولون إن العلم به ضروري أو مكتسب؟.

  فإن قلتم: ضروري، وجب أن نشارككم فيه، وإن كان مكتسباً، فما الدلالة عليه؟.

  قيل له: قد قال بعض أسلافنا: إن العلم به ضروري لمن عرف النقل، وسمع الأخبار، ولكن الذي نختاره أن العلم به مكتسب.

[الأدلة على صحته]

  والذي يدل على صحته وجوه: -

  منها: أن هذا الخبر قد ظهر واشتهر من وقت الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا، واستمر ظهوره في أيام بني أمية، وأميرُ المؤمنين # أورده يوم الشورى بحضرة جماعة الصحابة، ومصنفوا كتب الشورى حكوا ذلك، ومتكلموا الشيعة قد استدلوا به على إمامة أمير المؤمنين مَرّة، وعلى تفضيله على سائر الصحابة أخرى.

  وقد وُجِدَ احتجاجُهم به في كتب المتكلمين الذين نصروا هذا الباب كهشامين، ومحمد بن النعمان وغيرهم، وهذه الكتب صنفت في أيام بني أمية، فقد بان ظهور الحال في اشتهار هذا الخبر وإشاعته في هذه الأيام، والخبر إذا شاع وظهر واستفاض على هذا الحد فلا بد لظهوره من سبب اقتضاه.

  والأسباب التي تقتضي ظهور الأخبار لا تخرج عن أقسام معلومة:

  إما ظهور نقلها في الأصل على وجه يوجب العلم، ويقطع بصحتها، ويلزم حجتها.

  وإما تعمد الناس لإظهارها وإشاعتها وتوصلهم إلى ذلك بضروب من الحيل.