[دلالة خبر المنزلة على الخلافة]
  ألا ترى أنا نعلم نبوة ذي الكفل #، ولا نعلم أنه قد كان كلف التصرف في هذه الأمور، بل لا يعلم أنه كان في شريعته الأمور التي يحتاج فيها إلى الإمام، فثبت بطلان قوله إن استحقاقه للتصرف في هذه الأمور عرفناه من حيث كان نبياً.
  يبين صحة هذا: أن جُلَّ المتكلمين جوزوا بعثة نبي لا شريعة معه أصلاً، فبان أن الذي سأل عنه لا يلزم على وجه من الوجوه.
  ووجه آخر: وهو أنه لو كان الأمر على ما قاله السائل أيضاً من أنا علمنا استحقاقه # هذه المنزلة من حيث علمنا نبوته، لم يجب ما ادعاه من أن استثناء النبوة يوجب أن لا تكون هذه المنزلة مرادة بالخبر، لأن هذا يوجب أن يكون صلى الله عليه وآله لو استثنى النبوة وبين أنه أراد باللفظ إثبات هذه المنزلة أن يصير اللفظ مجازاً، فإذا ثبت أن هذا لا يقتضي أن اللفظ لا يصير مجازاً ثبت أنه يصير مشتملاً على هذه المنزلة ومفيداً لها وإن استثنى النبوة.
[دلالة خبر المنزلة على الخلافة]
  فإن قال: الخبر إنما دل على أن المنزلة التي كانت لهارون # من جهة موسى # وبجعله إياها ثابتة لأمير المؤمنين # من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم قلتم إن هذه المنزلة كان هارون مستحقاً لها من جهة موسى #، وإنه استخلف عليها حتى يصح ثبوت المشبه به، وما أنكرتم أن يكون هارون # استحقها ابتداءً من قبل الله ø من حيث كان نبياً؟.
  قيل له: إنما قلنا إن هارون # كان خليفة موسى @ على التصرف في هذه الأمور ومستحقاً لها من قبله، لأن الإجماع والقرآن دلا عليه.
  فأما دلالة القرآن فآيات كثيرة، منها: قوله ø {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَومِيْ}[الأعراف/١٤ ٢]، وظاهر هذا الكلام يوجب أنه استخلفه على الأمور التي كانت إليه توليتها، لأن أمير بلد لو قال لآخر: اخلفني، لكان هذا الإطلاق يدل على كونه مستخلفاً له على ما إليه من الإمارة دون غيرها، وكذلك الحاكم لو قال لغيره: اخلفنني، لاقتضى هذا الكلام استخلافه إياه على ما إليه من الحكم دون غيره، وكذلك قول موسى # لهارون # اخلفني يقتضي ظاهره