الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[بيان متى يستحق أمير المؤمنين # الخلافة]

صفحة 31 - الجزء 1

  على الحقيقة دون التوسع، فنحن وإن علمنا أنه لا نبي بعد نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله، فظاهر هذا اللفظ لا يفيد هذا، وإنما يفيد بعد موته صلى الله عليه وآله.

  ومما يجاب به أيضا عن هذا السؤال: أن الخبر قد اقتضى ظاهره مشاركة أمير المؤمنين لهارون # في استحقاق هذه المنزلة في حال حياة رسول الله # كما استحقها هارون # في حياة موسى #، وإذا ثبت أنه استحقها في تلك الحال وجب أن يستحقها بعده صلى الله عليه وآله، لأن القول بأنه استحقها في تلك الحال ولم يستحقها بعد خلاف الإجماع، إذ لا أحد فصل بين الأمرين، فقال إنه # استحق التصرف في هذه الأمور في حال حياة رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يستحقها بعده، بل كل من أثبتها في حال حياته صلى الله عليه وآله أثبتها من بعده.

  وربما سألوا هذا على وجه آخر وهو: أنه صلى الله عليه وآله لو كان استخلفه في حياته لوجب أن يبطل ذلك بموته.

  والجواب عنه: ما ذكرناه من الوجهين.

  فإن قالوا: ما أنكرتم أن يكون أمير المؤمنين استحقها في وقت مخصوص، ويلزمكم هذا من وجهين:

  أحدهما: أن السبب الذي ورد عليه هذا الخبر يقتضي ذلك، ويدل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له ذلك لما لحق # في غزوة تبوك بعد استخلافه صلى الله عليه [وآله] إياه على أهله والمدينة، وقول المنافقين فيه ما قالوا، فيجب أن تكون خلافته إنما حصلت مدة غيبته صلى الله عليه وآله عن المدينة، لأن المستخلف إذا عاد إلى الموضع الذي استخلف الغير عليه عند غيبته فظاهر الحال يقتضي زوال أمر المستخلف.

  والثاني: أن تشبيه النبي صلى الله عليه وآله إياه هارون # يقتضي ذلك، لأن موسى # إنما كان استخلفه على قومه مدة غيبته؟.

  قيل له: أما الأول فساقط من وجهين:

  أحدهما: أنا لم نستدل على استحقاقه # هذه المنزلة باستخلاف النبي صلى الله عليه وآله إياه على المدينة عند غيبته عنها، فيلزم اعتبار حال ذلك الإستخلاف، وإنما استدللنا على ذلك