الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[إثبات نزول الآية في علي # والجواب عن الشبه]

صفحة 50 - الجزء 1

  يدي، ويصبرون على الشدائد تقرباً إلي، ويفعلون ويصنعون، ووصفه بما ظهر من أفعاله، لكان هذا الإطلاق يفيد الحال دون الإستقبال، ويكون هذا مخالفاً لألفاظ الإستقبال التي هي قولهم يقوم ويقعد ويروح ويغدو وما جرى مجراه، وإذا كان هذا هكذا بان أنا لم نعلم بعدل عن الحقيقة والظاهر، وليس هكذا ما ذهب إليه المخالفون، لأن ذلك يوجب حمل قوله تعالى {ويؤتون الزكاة وهو راكعون} على المجاز، وعلى تكرير اللفظ، لأن معنى قوله {وهم راكعون} قد أفاده قوله {يقيمون الصلاة}.

  فإن قال: إن المراد به خاضعون.

  [قيل له]: كان ذلك حملاً له على مجاز آخر يوجب صرف أول الآية وهو قوله تعالى {إنما وليكم الله ورسوله} عن حقيقته، لأن حقيقة الولي هو من له الولاية على الشيء، ويوجب العدول عما أطبق عليه أهل النقل على ما بيناه.

  فإن قال: حمل الآية على ما ذهبتم إليه يوجب إضافة المعصية إلى أمير المؤمنين #، لأنه لا خلاف بين المسلمين أن إخراج الزكاة في الصلاة يوجب قطعها، وأن قطع الصلاة من غير عذر معصية؟. قيل له: هذا يسقط من وجوه:

  أحدها: أنا لا نعلم أن الفعل في الصلاة هل كان يقطعها في ذلك الوقت أم لا؟. ، فقد كان الكلام فيها مباحاً في بعض الأوقات، فلا يمتنع أن بعض الأفعال مباح أيضاً، ثم حظره الشرع.

  ومنها: أنه لا خلاف أن اليسير من الفعل لا يقطعها، ولا يمتنع أن يكون # قد أومأ بإصبعه إلى السائل على وجه يعلم أنه يريد منه أخذه، ولا يحتاج في هذا إلى أن يتكلف كثيراً.

  ومنها: أنه لو كان ذلك على قدر المعصية لم يجز أن يمدحه الله تعالى على ذلك ورسوله ÷ والمؤمنون على ما دل عليه النقل فبان سقوط ما أورده السائل.

  فإن قال: هذا الذي ذكرتموه يوجب كونه # إماماً مع رسول الله صلى الله عليه وآله؟.

  قيل له: لا يجب ذلك لما بيناه فيما تقدم أن هذه النصوص توجب الخلافة في حال حياة رسول الله ÷ والإمامة من بعده.