الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الكلام على الخوارج فيما أنكروه من التحكيم

صفحة 72 - الجزء 1

  انخلاعه، وإن كان هذا القول منه معصية مع سلامة الأحوال، وإنما الذي يوجب خلعه حصول أمر يؤثر في شرائط الإمامة وإذا كان هذا هكذا أسقط ما توهمه السائل.

  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون تحكيمه أبا موسى الأشعري معصية لظهور الحال في فسقه؟.

  قيل له: لا يمتنع أن يكون في ظاهر حال أبي موسى في حال توجيهه # إياه ما لا يوجب القطع على فسقه، وإن كان متهماً ظنياً، وإنما ظهر فسقه بما كان منه عند التحكيم من بعد، فساغ لأمير المؤمنين # اعتباراً بظاهر أمره، كما ساغ لرسول الله ÷ أن يؤمر خالداً على الجيش اعتباراً بظاهر أمره، على أن توجيه أمير المؤمنين # إياه لم يكن عن رضى ولا اختيار له، وإنما اختار # لذلك عبدالله بن العباس، فامتنع أكثر القوم عليه وقالوا: (لا نرضى إلا أبا موسى الأشعري) تعظيماً لليمانية، وقالوا: (لا نرضى بأن تكون الإمارة والحكم في مضر) حتى قالوا: (الأميران مضريان، والحكمان مضريان) مخالفة لأمير المؤمنين لاختياره عبدالله بن عباس وكان الأمر كله مبنياً على الإضطرار دون الإختيار على ما بيناه.

  فإن قال: أليس أبو موسى كان قد ظهر فسقه، مِن قِبَلِ ما كان منه من القعود عن أمير المؤمنين #، وتنفيره للناس عنه، وتثبيطهم عن المجاهدة معه، حتى جرى بينه وبين عمار ¥ ما جرى؟.

  قيل له: لا يمتنع أن يكون قد جرى منه ذلك ثم ظهر من توبته في الحال ما يسوغ إنفاذه، إجراء له على ظاهر أمره، لا سيما إذا كانت الحال حال الإضطرار دون الإختيار على بيناه وشرحناه.