الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل يتصل بهذا الباب

صفحة 73 - الجزء 1

فصل يتصل بهذا الباب

[مَن قتل مع علي # من الصحابة في صفين وتفصيل أمر التحكيم]

  اعلم أن أكثر من ينكر أمر الحكمين إنما اشتبه ذلك عليه، لأنهم سمعوا تذكره جملة، وقرأوه من كتب المتكلمين، ولم يقفوا على كيفية الحال التي جرت، ولو أنهم تصوروا الحال في ذلك وعلموا كيف جرت تلك القصة لما اشتبه ذلك عندهم، إذ ليس في جميع ما جرى من أمير المؤمنين # في قصة الحكمين ما يجوز أن يكون فيه شبهة على أحد من أهل العلم، ونحن نحكي جملة القصة على نهاية الإيجاز لتزول الشبهة في هذا الباب عن النظر فيه.

  لما استشهد أعيان المهاجرين والأنصار رحمهم الله بين أمير المؤمنين بصفين كعمار بن ياسر ¥، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله «عمار جلدة ما بين عيني»، وقال «ستقتلك الفئة الباغية» هذا مع ظهور فضائله، وكثرة سوابقه واختصاصه برسول الله صلى الله عليه وآله، وقد كان شوهد منه من الحرص على القتال والرغبة في الجهاد ما شوهد، حتى أنه لما رأى راية عمرو بن العاص لعنه الله بين الصفين قال: (هذه راية قاتلت رسول الله صلى الله عليه وآله مرتين، وما هذه بأهداهن)، وروي في بعض الأخبار أنه قال ¥: (قاتلت هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله دفعتين وهذه الثالثة أحبهن إلي)، تنبيهاً منه على استحقاقه عظيم الثواب عليه لما في مباشرته لذلك من إزالة الشبهة عن قلوب الضعفاء من الناس الذين لا بصائر لهم في قتال أهل البغي، لأن ثواب الفعل يعظم إذا وقع على هذا الوجه.

  وروي أنه في اليوم الذي استشهد فيه | كان يغسل رأسه بالخطمى، فسمع منادي أمير المؤمنين # يدعو إلى القتال فلم يغسل رأسه وركب، قال الراوي كأني به والخطمى في رأسه وهو يضرب حاصري الفرات، ويقول: إني لأشم رائحة الشهادة) وكان آخر العهد به رحمة الله عليه.

  واستشهد أبو الهيثم بن التيهان |: وهو آخذ بقبا رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن محله من المحل المعروف.