تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة البقرة

صفحة 141 - الجزء 1

  قلت لك: إنما عوقب آدم صلى الله عليه في استعجاله في أكل الشجرة، وذلك أن الله تبارك وتعالى لما نهاه عن أكل الشجرة وهي البر، وأمره بأكل الشعير ولم يحظره عليه، فكان يأكل من شجرة الشعير، وهي ورق لم تحمل ثمرا، فلما أن صار فيها الحب والثمر اشتكل عليه امرهما، فلم يدر أيهما نُهيَ عنها، فأتاه اللعين إبليس فخدعه وغره، وقاسمه على ما ذكر الله في كتابه، فقال {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٢٠}⁣[الأعراف: ٢٠] فاستعجل آدم فأكل من هذه الشجرة ولم ينتظر الوحي في ذلك من عند الله، فعوقب لاستعجاله، وقلة صبره لانتظار أمر ربه.

  ٧ - قلت: فكيف كان كلام إبليس وخدعه إياه، هل كان تَصَّوَر له جسما، ورءاه عيانا؟

  قال: لا، أنما سمع آدم كلامه ولم يره جسما، وقد رُويت في ذلك روايات، كَذَبَ فيها من رواها! وكيف يقدر مخلوق أن يخلق نفسه على غير مُرَكَّب خلقه وفطرة جاعله؟! هذا ما لا يثبت ولا يصح عند من عقل وعرف الحق.