ومن سورة النور
  حَكِيمٌ ١٠} ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ}[النور: ٨ - ١١] فقلت: ليس هذا جواب لولا، إنما جوابها لكان ولقد، فكيف العمل في هذا المعنى؟
  فهذا رحمك الله المعنى فيه كالمعنى في قوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} سواء سواء، أراد سبحانه: لولا فضله ورحمته لكان له ولرسوله في ذلك حكم سِوى ما حكم به اللسان عليكم، من الأحكام التي تكون نكالاً لمن كان كذلك منكم، ولكن بفضله ورحمته عفا عنكم، وتفضل بالستر عليكم.
  ١٦٧ - وسألت: عن قول الله سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣]، فقلت: ما الخير؟
  وهم العبيد الذين يطلبون الكتابة فَيُكَاتَبُون، إذا علم فيهم خير، والخير فهو: الدين والتقوى، والوفاء والاعفاء والورع والاهتداء، إلا ما يقول غيرنا من أنه المال، ويقيسون ذلك لقول الله: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ}[البقرة: ١٨٠]، وليس ذلك كذلك، وأن اشتبه في اللفظ فهو: مخالف في المعنى، وكيف يكون ذلك هو المال؟! و مال العبد لسيده، وهو لو علم بمال عنده عبده فأخذه، لكان ذلك له، فكيف يبيعه نفسه، بمال هو له دونه؟! ألا تسمع كيف يقول: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣] يريد: من ماله الذي جعله في أيديكم لهم من الصدقات، قال الله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ