تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة النور

صفحة 347 - الجزء 1

  له من غيركم، لأنه أعطاهم إياه كما أعطاهم غيره من الأشياء، مثل جزء الرسول، من خمس الغنائم، الذي جعل أمره إلى الإمام، يحكم فيه بأمره، وبما يراه من الأحكام، ويأكل ويشرب وينكح فيه، ويركب ويلبس ويتكل في كل أموره عليه، ومثل نصيبه في الفيء، ومثل ذلك: ما جعل له مما أجلى عنه المحاربون، من غير أن يجلب عليهم المؤمنون، وكل ما ذكر من ذلك، فللإمام أكله والانتفاع به.

  وأما ما ذكر الله من الصدقات، اللواتي أمر الله الأئمة بأخذها من ذي المقدرات، وجعلها في الرقاب وغيرها من الثمانية الأصناف المعروفات، فلا يحل لإمام المسلمين، ولا لأهل بيته أجمعين، فيها أكل ولا شرب ولا مناكح، ولا صرفُ درهم منها في شيء من المصالح، فلذلك وبه قلنا إن بينما جعله لهم رزقا، وبين ما جعله الله على أيديهم وأمرهم بالتسليم إلى غيرهم فرقا.

  ١٧٠ - وسألت: حفظك الله عن قول الله سبحانه: {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}⁣[النور: ٦٤] فقال: أليس قد علم الله ما هو كائن قبل أن يكون؟!

  الجواب: في ذلك أن معنى قوله: {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أي: قد يعلم ما أنتم فيه، وقوله: قد علم ما يكون قبل أن يكون، فذلك الله تبارك وتعالى هو العالم بنفسه، القادر بنفسه، ثم قلت: إن قال قائل، أو عارض معارض، فقال: فإذا كان ذلك كذلك، فأخبرونا عن الخلق أهم متصرفون في الذات؟ أم الذات متصرفة في الخلق؟ إذ هو العالم بنفسه، وليس ثَمَّ عالم وعِلم؟