ومن سورة السجدة
  فقال: هذا إخبار من الله سبحانه عما يكون من المجرمين في يوم الدين، من تنكيس رؤوسهم يوم النشر عند الحساب، وتنكيس الرؤوس فهو: فعال يفعله النادم المتحسر الموقن بالعقاب، الُمؤيس من الثواب، المستسلم المبلس، ومعنى: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} فهو: عند المصير إلى آخرتهم، والوقوف بين يدي خالقهم، ومعنى {أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} أي: أبصرنا ما كنا نكذب به بالمعاينة، وسمعنا بكل ما كنا نُخبَر به، فجاء كل ما كنا نسمع من قولك وقول أنبيائك، على ما كنا نسمع سواء سواء.
  قولهم: {فَارْجِعْنَا} يريدون أي: ردنا إلى الدنيا، حتى نعمل غير الذي كنا نعمل، إذ كان عملنا في الدنيا أولا بورا، وهو اليوم إذ قد عاينا فقد أصبح عندنا معلوما مخبوراً، {إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢} يقول: إنا اليوم بكل ما كنا نكذب به من قبل مؤمنون، إذ قد رأيناه عيانا، وواقعناه إيقانا.
  ١٨٨ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}[السجدة: ١١]؟
  المعنى في ذلك: أن توفي ملك الموت لمن يتوفى هو بأمر الله، فملك الموت يقبض النفس والله يخرجها من البدن، وما كان من ملك الموت فإنما هو بالله ومن الله، وبإذنه وأمره وتقديره له وحكمه، وتقوية ملك الموت على ذلك في خلقه، ومعنى {وُكِّلَ بِكُمْ} فهو: أُمر بقبض أنفسكم.