تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأحزاب

صفحة 387 - الجزء 1

  ١٩٣ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ...} إلى قوله: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ٦}⁣[الأحزاب: ٦]؟

  قال: هذا تأكيد من الله سبحانه لحق رسوله ÷، وتعظيم منه لقدره، فجعل الله نبيه ÷ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأحق ببعضهم من بعض، وكذلك قوله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فعلى هذا المعنى يخرج، وفي هذه الآية من تأكيد تحريمهن على غير النبي غاية ما يكون من التحريم، فأراد بها تحريمهن على كل مسلم بالحكم، إذ كان المسلم في الحكم كذا من أبنائهن، ثم رجع الخبر إلى أولى الأرحام المسلمين، فجعلهم أولى بعقد نكاح حرماتهم، ووراثة أموالهم من غيرهم من أحلافهم، وذلك أنه كان يحالف بعض المؤمنين بعضا، فإذا حالفه على المناصرة والمعاشرة، انتسب بعضهم إلى بعض، و توارثوا فيما بينهم كما يتوارث المتناسبون، فأنزل الله هذه الآية يخبر أن أولي الأرحام أولى بالموارثة والمناسبة، ممن يحالف من المؤمنين والمهاجرين، ثم قال: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا}، والأولياء هاهنا: فهم المحالفون، يقول: لا بأس من أن توصوا لهم بعض الوصية، فأما أن تتموا لهم بما شرطتم عند محالفتهم لكم من شروط الجاهلية، في الموارثة والمناسبة فلا، أولوا الأرحام أولى بذلك وأحق، وحكم الله أنفذ من حكمهم في ذلك وأصدق، ومعنى: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ٦} يقول: كان في حكم الكتاب من الله مثبتا واجبا.