تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة يس

صفحة 412 - الجزء 1

  بهم! هذا إذاً مِنَّا عبث واستهزاء، وأمرٌ منا إياك لمغالبة لنا، وأمر منا لك بالدعاء لهم إلى خلاف أرادتنا، وتكليف منا لك ولهم خلاف ما يستطيعون، وأمر منا لهم بما لا ينالون، فتعالى عن ذلك علوا كبيرا، وتقدس تقديسا عظيما.

  ٢١٣ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ...} إلى قوله: {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ٣٩}⁣[يس: ٣٨ - ٣٩]؟

  فقال: معنى قوله {لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} هو: إلى مستقرها، ومعنى مستقرها الذي تجري إليه فهو: يوم القيامة الذي يكون فيه، {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٣٨}، يقول: تدبيره في الشمس وفعله في قطعها لفلكها، وجريها من تحت الأرض وفوقها،

  {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ٣٩} يقول: دبرناه وقدرناه على ذلك، وجلعناه حتى صار يكون مرة صغيرا ومرة كبيرا، بتقديرنا وتدبيرنا، وما جعلنا فيه من أثر حكمتنا، {حَتَّى عَادَ} يقول: حتى صار من بعد الكبر، إلى شبه العرجون القديم، والعرجون فهو: العود الذي يكون فيه ثمر النخل، يكون معوجا منحنيا كإنحناء الهلال في آخر شهره، فشبه إنحناء الهلال في ذلك الوقت كالعرجون المنحني القديم، والقديم: فهو العتيق، فأخبر سبحانه بأثر تدبيره فيه، حتى عاد كما ذكر.