تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة البقرة

صفحة 148 - الجزء 1

  «أنت ومالك لأبيك» لأن ما في الحكم لَما كان للزوج ولا للولد شيء من الميراث مع الأب، إذا هلكت ابنته أو ابنه، ولكان يجوز له حينئذ أخذ جميع ما ترك ولده، فلما أن كان هذا الميراث غير جائز له، ثبت وصح أن ولي العقدة هو الزوج، وبطل قول من قال: إن الأب ولي العقدة.

  ١٨ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}⁣[البقرة: ١٠٦]؟

  قال: معنى قوله {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} هو: في التخفيف والرحمة والحكم، فأما على معنى الابطال لها، فلا يجوز لأحد أن يقول ذلك، ولو أن أحداً أنكر من القرآن آية، لوجب عليه أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل.

  ١٩ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٧٤].

  معنى ذلك: أن الله تبارك وتعالى أخبر عن قسوة قلوبهم، وقلة رجوعه إلى الحق، حتى أنها في ذلك أشد قسوة من الحجارة، لو كان من الحجارة من الفهم والتمييز ما في قلوبهم.

  ثم أخبر أن الحجارة ما يشقق فيخرج منه الماء، وليس في قلوب هؤلاء المشركين قلب يلين إلى شيء من الحق، فالحجارة يعمل فيها الماء حتى يشققها ويفلقها، ويخرج الماء منها، وقلوبهم لا تعمل فيها الفكرة، ولا العظة ولا