ومن سورة ص
  التي كان تمنى، من نكاح إمرأة أوريا، وذلك أنه لما أن تبع الطير أشرف به على رأس جدار، فأشرف داود لينظر أين توجه الطائر فوقعت عينه على امرأة أوريا وهي حاسرة، فرأى من جمالها ما رغَّبه فيها، فقال: لوددت أن هذه في نسائي، ولم يكن منه غير هذا التمني، وكلما يروى عليه صلى الله عليه من سوى ذلك، فهو باطل كذب، فلما أن تمناها نبهه الله وعاتبه في السر، وقد أعطاه أكثر من حاجته، فبعث الله إليه ملكين فتمثلا في صورة آدميين، فتسورا عليه من المحراب وهو يصلي، فدخلا عليه ففزع منهما، وظن أنها داهية قد دهته، وعدو قد هجم عليه في محرابه، في وقت خلوته، فقالا له: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ٢٢} معنى {وَلَا تُشْطِطْ} يقول: لا تُمِل حكمك مع أحدنا، فتشطط على الآخر، ومعنى {تُشْطِطْ} فهو: تشدد على أحدنا في غير حق، {سَوَاءِ الصِّرَاطِ ٢٢}: فهو معتدله ومستقيمه ووسطه وقَيِّمه، و {الصِّرَاطِ ٢٢} فهو: طريق الحق هاهنا وأوضحه، وكان لداود صلى الله عليه تسع وتسعون منكحا من الحرائر والإماء، وكان لأوريا هذه المرأة وحدها، فمثَّلا أنفسهما لداود يا داود وبأوريا، فقال أحدهما: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ٢٣}، ومعنى {أَكْفِلْنِيهَا} فهو: أتبعنيها وزدنيها إلى نعاجي، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ٢٣} يقول: شطني في الطلب وألحّ في تمنيها وطلبها، وذلك أنها لم تكن تسقط من نفس داود من يوم رآها، يتذكرها ويتمناها، فقال داود صلى الله عليه: {قَالَ لَقَدْ