تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة ص

صفحة 436 - الجزء 1

  ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ٢٤}، فلما قال هذا لهما تغيبا من بين عينيه، فإذا به لا يبصرهما ولا يراهما، فعلم عند ذلك الأمر كيف هو وأنهما ملكان، وأن الله بعثهما إليه لينهاه عن غفلته، ويقطعا عنه بذلك ما في قلبه، من كثرة تذكره امرأة صاحبه، فأيقن أنها فتنة من الله، والفتنة: ها هنا فهي المحنة، ومعنى {وَظَنَّ دَاوُودُ} فهو: أيقن داود بذلك من الله، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ٢٤} من ذلك التمني والذكر لهذه المرأة، فلم يذكرها بعد ذلك اليوم حتى زوجه الله إياها، حين أراد تبارك وتعالى من بعد أن اختار لأوريا الشهادة، فاستشهد وصارت إليه، فمن بعد ذلك زوَّج الله داود امرأة أوريا، وبلَّغه أمله، وأعطاه في ذلك أمنيته، فجاءه ذلك وليس في قلبه لها ذكر، ولا أرادة ولا تمني، ولم يكن لداود صلى الله عليه في أوريا ولا في قتله شيء، مما يقول المبطلون، من تقديمه في أول الحرب، ولا ما يذكرون من طلبه، وتحيله في تلفه، بوجه من الوجوه، ولا معنى من المعاني، كذب العادلون بالله! وضل القائلون بالباطل في رسول الله #! فهذا تفسير الآية وتخريج معانيها.