ومن سورة ص
  ٢٣٢ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ٤٥ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ٤٦ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ٤٧}[ص: ٤٥ - ٤٧]؟
  فقال: معنى قوله: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} فهو: أذكر فعلهم وصبرهم فينا ولنا فاقتد به، ومعنى {أُولِي الْأَيْدِي} والأيدي فهو: الحسنات المقدمات، التي ابتدأوها إلى أنفسهم من طاعة ربهم، والعمل بمرضاة خالقهم، فكانت أفعالهم الحسنة من طاعة الله والإخلاص له، أيادٍ قدموها لأنفسهم إلى الله، وعلى ذلك يخرج معنى قول الله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة: ٦٤] يريد: أفعاله الحسنة، وأياديه إلى خلقه الجميلة.
  ومعنى {وَالْأَبْصَارِ}: فهو الاستبصار في أمر الله، والمعرفة والعلم به، وعلى ذلك يخرج معنى قول الله ø في نفسه: {سَمِيعًا بَصِيرًا ٢}[النساء: ٥٨، ١٣٤، الإنسان: ٢] يريد: عليما خبيرا، {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ} يريد: إنا اختصصناهم بخاصة، وجعلناها لهم وفيهم، {ذِكْرَى الدَّارِ ٤٦}، فهو: بقاء ذكرهم في دار الدنيا، بما ذكرهم به في كتابه، فبقي ذكرهم باق في ذريتهم، وغير ذريتهم إلى يوم القيامة، وذلك سؤال إبراهيم صلى الله عليه لربه، حين قال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ٨٤}[الشعراء: ٨٤]، يريد: اجعل لي ذكر الخير في الآخرين، يقول: من بعدي من أهل هذه الدار إلى يوم الدين، فأجابه الله وأخبر بما جعل له من الذكر الباقي في هذه الدار، ثم أخبر أنهم عنده في الدار الآخرة، أعظم منهم