تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة ص

صفحة 440 - الجزء 1

  ذكراً في الدار الفانية، فقال {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} يريد: في آخرتنا ودار ثوابنا، {لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ٤٧}، ثم قال: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ٤٨}⁣[ص: ٤٨]، يقول: اذكرهم بأنهم ممن جعلنا لهم الذكر في دار الدنيا وفي الآخرة، مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ألا ترى كيف قال: {هَذَا ذِكْرٌ} يقول: ذِكُرنا له في هذه السورة ذِكٌر باق لهم، كما سأل إبراهيم ربه إلى يوم الدين، {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ٤٩}⁣[ص: ٤٩]، يقول لحسن مأوى ومرجع عند حشرهم، وإيابهم إلى ربهم.

  ٢٣٣ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ ...} إلى قوله: {أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٧٠}⁣[ص: ٦٧ - ٧٠]؟

  فقال: يقول سبحانه إنما نبأهم به من هذه الأخبار، ومن أخبار الملائكة $ {نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧} يقول: علم غيب عظيم، {أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨}، يقول: أنتم عن تفهمه غافلون، {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ٦٩} والملأ الأعلى فهم الملائكة، ومعنى {يَخْتَصِمُونَ ٦٩}، فهو: يتحاورون ويجيبون ويجابون، وذلك حين قال الله لهم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، يريد: ø آدم #، فقالوا: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ فـ قَالَ - سبحانه -