ومن سورة فصلت
  تكلف ولا إضمار، ولا استعانة بأعوان، ومعنى {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١}: هذا أيضا مثله في الطاعة والاستواء، أراد سبحانه أنهما عند إرادته لإيجادهما كانتا، لم يمتنع عليه من أمرهما ممتنع، ولم يعسر عليه في خلقهما عسير، ولم يؤده من تدبيرهما صغير ولا كبير، فهذا معنى {أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١}.
  ٢٤٩ - وسألته عن قول الله عزو جل: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} إلى قوله: كانوا ... إلى قوله: {خَاسِرِينَ ٢٥}[فصلت: ٢٥]؟
  فقال: معنى {وَقَيَّضْنَا} هو: خلينا وأمهلنا، ولم يَحُّل بين هؤلاء القرناء وبين من اجترأ علينا، والقرناء فهم قرناء السوء، من شياطين الجن والإنس، فلما أن كان الله تبارك وتعالى قادر على أن يصرف عن أعدائه كيد هؤلاء القرناء، فلم يفعل جزاء على فعلهم، وخذلانا بكفرهم، جاز أن يقول: {وَقَيَّضْنَا} يريد: تركنا وأمهلنا حتى زينوا لهم، معنى التزين فهو: التحسين، بما يبسطون لهم من الأمل في الدنيا، ويمنونهم من المغفرة في الآخرة التي تبقى، فهذا معنى: {فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}.
  معنى: {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ} فهو: اغواؤهم حتى حق عليهم ما نزل بالأمم من قبلهم، على مثل فعلهم، معنى {خَاسِرِينَ ٢٥} فهو: منتقصون، وانتقاصهم فهو: فوت ما ظفر به المؤمنون، من الثواب الذي حُرمه العاصون، وانتقصوه بمعصيتهم وفاتهم بترك الطاعة لربهم.