تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الحجرات

صفحة 70 - الجزء 2

  ولما قال للأعراب الذين وحدوا وشهدوا بالشهادتين، وصدقوا وجاهدوا، ولم يعملوا بكل الفرائض: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا}، يريد سبحانه: لن تكونوا أبدا مؤمنين، حتى تكونوا بالفرائض كلها عاملين.

  ٢٩١ - وسألته عن قول الله سبحانه: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٧}⁣[الحجرات: ١٧]؟

  فقال: هذا ذم من الله سبحانه لمن منَّ على رسول الله صلى الله عليه بالطاعة له، والمعاونة والقيام فيما أوجب الله عليه، فأخبر الله سبحانه أن من يمن بطاعة رسول الله، أو بالدخول في طاعته، والقيام بواجب فرض الله، مخطيء في فعله، عاصي لربه، منقص لدينه، غير شاكر لنعمة خالقه، ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه، أن يبين لمن كان كذلك، أو فعل شيئا من ذلك، فيعلمه أنه ليس على رسوله له في إسلامه مِنَّة، فإنه لم يفعل في ذلك إليه حسنة، ثم أخبر أن المنة على من فعل ذلك لله ولرسوله، إذ هداه إلى النجاة، وخلصه من الهلكة، حتى صار من أهل الجنان، بعد أن كان من حطب النيران، وحتى صار برحمة الله ومنته لله وليا مستوجبا لثوابه، بعد أن كان الله حربا عدوا مستأهلا لعقابه.

  ثم قال: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٧} أي: إن كنتم صادقين في أنكم مؤمنين، وفيما تدعون من الإخلاص، فاقروا بما قلنا،