تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الذاريات

صفحة 87 - الجزء 2

ومن سورة الذاريات

  ٣٠٤ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ١} ... إلى قوله: {لَوَاقِعٌ ٦}⁣[الذريات: ١ - ٦]؟

  فقال: {وَالذَّارِيَاتِ} هي: الرياح اللواتي تذرى ما تذري من التراب وغيره، مما تحمله الرياح وتذروه، {ذَرْوًا ١} فهو: تأكيد لذروها، وتعجيب لأمرها، وهو كقول الرجل: فلان يضرب ضربا شديدا، وفلان جرى جرياً، {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ٢} فهن: السحاب، والوقر فهو: ما فيهن من الماء، {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ٣}، فقد قيل إنهن: السفن، {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ٤} فهي: الملائكة التي تقسم رحمة الله بأمره، وتسوق أرزاقه إلى خلقه، من ماء السماء الذي به حياة جميع الأشياء، {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ٥} هو: جواب القسم بما أقسم الله به من هذه الأشياء المتقدمة، فأخبر أن وعده حق، وأن قوله في ذلك كله صدق، {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ٦} الدين فهو: الجزاء، والجزاء: هو يكون في يوم الدين، ويوم الدين فهو: يوم حشر العالمين، وفي ذلك يقع الدين، والدين فهو: ما ذكرنا من أنه الجزاء للخلق على أفعالهم يجازى ويدان أهل المعاصي بعذاب النيران، ويدان ويجازى أهل الإيمان بالثواب الكريم في الجنان، ومعنى قوله: {لَوَاقِعٌ ٦} هو: واقع بأهله، حال بمستأهله.