ومن سورة الذاريات
  إليه كما ذكر في غير هذه السورة: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} والخيفة فهي: الفزع والمخافة، ومعنى {فَأَوْجَسَ}: أحسَّ منهم بالحق، وعلم عند ذلك أنهم ملائكة، قالوا له: {قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ٢٨}[الذاريات: ٢٨] بإسحاق صلى الله عليه، فوهب الله له إسحاق بعد إسماعيل @، كما قال في غير هذه السورة.
  ٣٠٩ - وسألته عن قول الله سبحانه {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٣٨} ... إلى قوله: {كَالرَّمِيمِ ٤٢}[الذريات: ٣٨ - ٤٢]؟
  فقال: يريد وفي موسى: آيات وعبرة، إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين، يريد: بحجة وبرهان مبين، {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} يريد: بجانبه، أي: حوَّل وجهه، وثنى شقه وجانبه، ملتفتا عن موسى، معرضا عما جاء به من الهدى، ناسيا ما جاء به موسى إلى السحر والجنون، وهذا شيء يفعله الجبابرة المتكبرون، الفراعنة الطاغون، فإذا سمعوا ما لا يحبون وواجهوا ما لا يريدون، صدوا بأحد جانبيهم، ولووا وجوههم مع مناكبهم، منحرفين عن من بذلك يقاربهم.
  معنى {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ} أي: أوقعناه وجنوده في النقم، معنى {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} أي: رمينا بهم في اليم، واليم فهو البحر المالح الأعظم، {وَهُوَ مُلِيمٌ ٤٠} معنى {وَهُوَ مُلِيمٌ ٤٠}: مستوجب للعقوبة بفعله، مستدعي لدواعي اللاّئمة إلى نفسه، فاعل لكل ما يلام به، واللائمة هنا فهو: الذنب الذي