تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة البقرة

صفحة 156 - الجزء 1

  قال علي بن محمد بن عبيدالله العلوي رحمة الله عليه.

  ٣٠ - سألت الهادي إلى الحق ~ عن قول الله سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}⁣[البقرة: ٢٥٦]؟

  فقال: هذا أمر من الله سبحانه لنبيه ÷، بأن يقول لكفرة قريش وجاهليتها، فيما كانوا يفعلون بمن أسلم منهم وآمن، واتبع محمداً ÷، وذلك أنهم عاقدوا رسول الله # يوم هدنة الحديبية، على أنه يرد إليهم من أتاه من أصحابهم، وعاقدهم على ذلك، وأوجبه ÷ على نفسه بأمر الله له، وكان يرد إليهم من أتاه راغبا في الإسلام منهم فيكرهونه على ترك الإسلام، وعلى الدخول في دينهم والرجوع، فلما أن انتقض العهد الذي كان بين رسول الله ÷ وبينهم، أمره الله ألا يرد إليهم أحدا ممن يهاجر إليه، وأعلمه أن الحق قد بلغ منتهاه، وقامت شرائع الدين، وظهرت أمور الله، وأنه لا سبيل للكفرة إلى إكراه أحد ممن اختار دين محمد ÷، ولا رده إلى دينهم، ومنعهم بهذا القول مما كانوا يفعلون بمن هاجر، ومنع الرسول به من رد أحد ممن يهاجر إليه إلى قريش، وأعلمه أن الرشد قد تبين من الغي، والرشد هاهنا: فهو الحق والهدى، وقيام الحجة على الكفرة الأعداء، والغي فهو: الباطل الذي كانوا فيه من كفرهم وغيهم، ثم أذن لرسوله ÷ في أن يضع عليهم السيف حتى يسلموا، أو يبيدهم بالسيف،