ومن سورة البقرة
  ومنعه من كل هدنة وموافقة، وأمره بقتلهم إن لم يدخلوا معه كافة في الإسلام، ولم يرض في العرب إلا بالقتل أوالإسلام، لا غير ذلك، ولم يجز له أن يقبل منهم جزية كما قبل من الإسرائيليين من أهل الكتابين، فهذا تفسير: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} يقول: لا ترخيص لكم في (إكراه أحد على دينهم، قد انتقل الأمر الأول، وتبين الرشد الحق من) الباطل.
  ٣١ - وإن سأل عن قول الله ذي الجلال: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٦] فقال: ما معنى قوله: لا جناح على من طلق قبل أن يمس، وقد تعلمون ونعلم أيضاً أنه لم يجعل جناحاً على من طلق من بعد المس؟!
  قيل له: إن للآية مخرجاً بَيِّنا، عند من عقل سوى ما ذهبت إليه، وتقحمت بسوء نظرك فيه، وإنما المعنى في ذلك: أن الله تبارك وتعالى يقول: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} لا إثم ولا حرج في الطلاق، وإنما أراد بالجناح هاهنا: المهر، ومطالبة المرأة له بما تطالب به المطلقة، المفروض لها التي لم يمسها، ولم يدخل عليها زوجها، فأخبر تبارك وتعالى: أنه إذا طلقها، ولم يكن فرض لها صداقاً، ولا سمى لها مهراً، أنه لا سبيل لها عليه في مطالبة بمهر، لأنه لم يفرض لها شيئا تطالبه بنصفه، كما تطالب التي