ومن سورة الطور
  {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ١٤} في الدنيا تجحدون ومواقعتها في هذا اليوم تنكرون، {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ١٥}، يقول: هذا سحر كما كنتم تفعلون في الدنيا إذا أنذرتم بذلك، أم أنتم لا تبصرون ما قد دفعهم فيه، يريد: بلى أنكم لتبصرونه وترونه عيانا، بعد أن كنتم تكذبون به وتنكرونه إنكارا.
  ٣١٤ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} إلى قوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ٢١}[الطور: ٢١]؟
  فقال: يريد سبحانه إن كل مؤمن يتبعه ذريته بإيمان مثل إيمانه، ولقيت الله بذلك، فإنهم يلتقون به في دار الثواب، وقوله: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} يريد: وما انتقصناهم بما وعدناهم على إيمانهم شيئا، فأما قوله: {مِنْ عَمَلِهِمْ} فإنما يقول: من جزاء عملهم، وأما قوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ٢١} فهو: يخبر أن كل امرئ بعمله مرتهن، وبكسبه مجازى، خيرا فخيرا، وشرا فشرا.
  ٣١٥ - وسألته عن قول الله سبحانه: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ٢٣}[الطور: ٢٣، ]؟
  فقال: اللغو فهو: الهذيان، والكلام الذي يخرج ممن قد زال عقله، فيلغو في لفظه عند سكره، وشربه لخمره، فأخبر الله أن خمر الآخرة لا يفسد منها العقول ولا ينطق شار بها باللغو والفضول، وأما قوله: {وَلَا تَأْثِيمٌ ٢٣} فهو: لا إثم على شارب خمر الآخرة، (من الإثم والعقوبات، وما أوعد الله عليها شاربها من النكرات).