تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة النجم

صفحة 108 - الجزء 2

  في الهوى، {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ٩}، ومعنى {قَابَ قَوْسَيْنِ} فهو: قدر علوتين في الهوى {أَوْ أَدْنَى ٩}، يقول: أو أقرب من القوسين وفوق القوسين.

  {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ١٠} يقول: جبريل المتدلي الذي على قاب قوسين، أو أدنى، إلى عبدالله محمد، {مَا أَوْحَى ١٠}، من الوحي الذي بعثه به الواحد الأعلى، {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ١١} يقول: ما كذب فؤاد محمد وقلبه، فيما قد أيقن به، يكابرونه ويجاحدونه، فيما قد عاينه عيانا ورآه.

  {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ١٤ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ١٥}، فشهد سبحانه لمحمد صلى الله عليه أنه قد رأى جبريل في الصورة التي خلقه الله فيها مرتين، حين دنى فتدلى، و {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ١٤} فهي: أعلا عليين، وعندها جنة المأوى في أعلا عليين، أيضا من فوق السماء السابعة العليا، التي فوقها سدرة المنتهى، حتى رأى جبريل عندها نزلة أخرى، وهذه الآية أيضا حجة في أن الله قد خلق الجنة.

  {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ١٦ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ١٧}، فالسدرة هي: سدرة المنتهى، والذي غشيها فهو: جبريل حين رآه محمد عندها وفوقها، غاشيا لها ولغيرها، في خلقه الأعظم الذي خلق فيه، {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} يقول: ما عدل عنه ولا شبهه، ولا تخايله ولا ظنه، بل قد رآه بحقائق الرؤية وأبصره، {وَمَا طَغَى ١٧}