تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الرحمن

صفحة 136 - الجزء 2

  الجنة، وقد تقول العرب لما كانت حمزته الغالبة على غيرها من الألوان عبقري.

  ٣٣٩ - وسألت عن قول الله سبحانه: {الرَّحْمَنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢} إلى قوله: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ١٢}، وعن قوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، فقلت: لم يذكر في أول هذه السورة اثنين فمن هاذان؟

  فقوله: {الرَّحْمَنُ ١}، فهو: ذو الرحمة والإحسان، {عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢}، فقد يكون تعليمه له هو تنزيله والحض على قراءته وتعليمه، بما جعل في ذلك من الثواب لمن كان له من القارين، وبه في الليل من المتهجدين، وقد يكون معنى ذلك هو: الدلالة منه سبحانه على تأويله، والتسديد والتوفيق لعلم غامض سننه، والمن بذلك على عباده المؤمنين، والإحسان به إلى أوليائه الشاكرين.

  فأما قوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ ٣ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ٤} فخلقه: إيجاده له، وتعليمه إياه البيان فهو: تركيبة فيه ما به يميز بين السواية والإحسان، ويفرق به بين الخير والشر، وينقلب به فيما يحتاج إليه من الأمر، وينال به الطاعات، وينحرف به عن المهلكات، من المعقول المفطور عليه، المركب بفضل الله فيه.

  ومن البيان ما جعله فيه من استطاعة القول والكلام باللسان، وما ينال به من المحاجة لمن حاجة من الإنسان.

  {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ٥}، فالحسبان هو: الحساب بالأيام والشهور والسنين والأزمان.