تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة المنافقون

صفحة 179 - الجزء 2

  وهي المدة التي جعلها الله لها عمرا من الأيام والليالي الخاليات، والأوقات والساعات الفانيات، التي بانقضائها ينقضي الأجل، وبكمالها ينقطع الأمل، {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ١١} فمعنى {خَبِيرٌ} فهو: عليم محيط حافظ غير نَاسٍ، لا يعزب عنه شيء من الأشياء، قاصيا كان في الأرض أو دانيا، فعلمه بكل شيء محيط، {بِمَا تَعْلَمُونَ ١٣٢} يقول: بما يفعلون ويصنعون.

  قال يحيى بن الحسين ~ ورضوانه وضاعف له أجره وإحسانه: تالله ما رأيت أشبه بالذين ذكرهم الله وقص خبرهم في هذه السورة من المنافقين، من أهل دهرنا، وسكان دارنا، هؤلاء الذين نحن معهم في نفاقهم وقبيح أفعالهم، وسوء صنيعهم، وقلة شكرهم، وكثرة كفرهم، وميلهم إلى الدنيا الغارة لمن كان قبلهم، المهلكة إلى من ركن إليها من نظرائهم، فنحن من نفاقهم في أمور كقطع الليل المظلم، الهائل الحندس المدلهم، لا همة له في الحق ولا يقين، ولا رغبة لهم في معرفة شرائع الدين، همج أتباع كل ناعق، أعوان وعضد كل منافق، إن قالوا كذبوا، وإن أوعدوا أخلفوا، وإن عاهدوا الله نقضوا، يبغون المسلمين الغوائل، ويؤلبون على الحق القبائل، لا في ثواب الله يرغبون ولا من عقابه يخافون، ولا منه سبحانه يستحيون.