ومن سورة التغابن
  وهو يريده، فعلى ذلك يخرج قوله سبحانه: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} يريد: ومن يوق شر شح نفسه، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٦} يقول سحانه: من وقى شر شحه، وسوء عاقبته، بالتوفيق للسخاء والتسديد، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٦} معنى المفلحين هم: الفائزون الناجون من عواقب أفعالهم، السالمون من توابع أعلمهم.
  ثم قال سحانه: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ}، معنى {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ} فهو: أن تخرجوا لله، وتنفقوا في سبيل الله، شيئا تقصدون به وجه الله، ولا تريدون به شيئا غير الله، ويكون ذلك قرضا حسنا، معنى {قَرْضًا حَسَنًا} أي: فعلا جميلا، لا تتبعه من أذى، {يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} أي: يضاعف لكم أجره، ويبسط لكم عليه رزقه، في الدنيا والآخرة، بالعطاء الجزيل، والثواب الجليل.
  {وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ١٧} معنى {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} يقول: يقبل منكم نفقاتكم، فيغفر لكم ذنوبكم، ويقبل توبتكم، ومعنى {شَكُورٌ} فهو: شاكر الحسنات، ومعنى الشكر الله فهو: الإيجاب منه للقبول ممن فعل فعلا يريده سبحانه مخلصا، {حَلِيمٌ ١٧} فمعناها: المتأني بحلقة، الذي لا يعاجلهم عند زلتهم، ولا يأخذهم عند عثرتهم، ليعودوا ويرجعوا، ويتوبوا ويهتدوا، ذو الصفح والاناءة العظيمة، والرحمة والمغفرة الجزيلة الكثيرة.
  {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}، فمعنى {عَالِمُ} فهو: خبير بما يكون، {الْغَيْبِ} فهو: ما غاب من الأشياء، فلم يظهر، وأسر مما قد أسره مسر، ومما سيكون ولم يكن، فالله عالم بذلك كله، كعلمه بالظاهر المشاهد، ألا تسمع كيف