تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة آل عمران

صفحة 166 - الجزء 1

  ٤٠ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}⁣[آل عمران: ١٤٠]؟ فصدق الله سبحانه هو المكون لها، والمحدث لما كان من خلقها، وإنما أراد سبحانه بذلك ما يداول بينهم فيها من الغموم والهموم والأحزان، والفرح والسرور الذي تمر به على الإنسان، مما ينزل به السرور، بما يرزقون ويوهبون من الذكور، ويبسط لهم من الأرزاق، ويوسع عليهم من الأرفاق، ويبتلون من الثكل للأحياء، وما ينالهم من زوال السرور والرخاء، فمرة يستغني الفقير المعسر، ومرة يفتقر الغني الموسر، وتارة يفرح هذا بما يولد له من الأولاد، وتارة يغتم ويهتم بما يخافه من الضعة والفساد، والأيام بين المخلوقين، دُولٌ كما ذكر رب العالمين، بما يبسط لهم من الأرزاق، ويمن به عليهم من السعة والأرفاق، لا ما يتوهم الجاهلون، وينسب إلى الله الضالون، من إدالة الله للفاسقين، وتمكينه للفجرة العاصين، والإدالة فهي نصر وتمكين، والله فلا يُمكِّن إلا لعباده المؤمنين.

  ٤١ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}⁣[آل عمران: ٧]؟

  والمحكمات - رحمك الله - فهن الآيات اللواتي ظواهرهن كباطنهن، وتأويلهن كتنزيلهن، لا يحتملن معنين، ولا يقال فيهن بقولين، مثل قوله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى: ١١].، ومثل قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص: ١ - ٤] ومثل قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا