تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الطلاق

صفحة 205 - الجزء 2

  {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}، معنى {وَاللَّائِي} فهو: اللواتي {يَئِسْنَ} فمعناها: أيسن من المحيض، ومعنى {يَئِسْنَ} فهو: أيقن أنهن لا يحضن لكبر السن، وارتفاع الحيض منهن فقد أيست كل واحدة منهن أن ترى حيضا من نفسها، بعد مبلغها ما بلغت من سنها، و {الْمَحِيضِ} فهو: الدم والطمث، {مِنْ نِسَائِكُمْ} معناها: من أزواجكم {إِنِ ارْتَبْتُمْ} يقول: إن شككتم هل في أرحامهن ولد أم لا، {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} يقول: يعتددن عند الطلاق، ويستبرين أرحامهن بوقوف ثلاث أشهر، {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} يقول: اللواتي لم يحضن، واللواتي لم يحضن فهن: الصبايا الصغار اللواتي لم يرين حيضا، ولم يعرفن بعد دما، فجعل سبحانه عدة الكبيرة التي قد أيست من الحيض ثلاثة أشهر، وكذلك جعل عدة الصغيرة التي لم تحض أيضا ثلاثة أشهر، إذا أمضت هذه الثلاثة الأشهر عن الآيسة الكبيرة، والصبية الصغيرة، فقد أنقضت عدتها، وحل للرجال تزويجهما.

  ثم أخبر سبحانه بعدة الحامل وأمرها، وما جعل سبحانه من الأجل لها، فقال ، عن أن يحويه قول أو يناله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، معنى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} فهن: صواحبات الأحمال، والأحمال فهو: ما يحملن في بطونهن من أولادهن الذي جعل الله في أرحامهن، ومعنى {أَجَلُهُنَّ} فهو: مداهن الذي يصرن إليه، ويقفن عن التزويج حتى يبلغه، وبلوغهن له فهو: ما ذكر الله سبحانه من وضعهن لحملهن، ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} يقول: أن يضعن ما في بطونهن إلى الأرض، ويستبرين منه، ويفصل عنهن، ويتبرأ هو أيضا منهن بخروجه إلى الأرض التي جعلت له مهادا أو مسكنا، حيا وميتا.